Tuesday, November 15, 2011

فوضى قضائية - صالح الخريبي

 

كتاب طريف صدر في الولايات المتحدة مؤخرا بعنوان «فوضى في المحاكم الأمريكية». والفوضى ليس سببها فقط قضاة أمريكا الذين يحكمون وفق أهوائهم ويميزون بين المتهمين حسب اللون والمركز الاجتماعي والانتماء السياسي، وإنما سببها المحامون وشهودهم.

والمحامون الأمريكيون من أكثر المحامين في العالم غباء وجشعا وعدم إخلاص لأخلاقيات المهنة، مما أتاح لهم تكوين ثروات طائلة، ولعل الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة التي يستطيع المحامي فيها أن يتحول إلى مليونير خلال فترة وجيزة من ممارسته المهنة، ومنذ منتصف القرن الماضي تحدث إيليا أبو ماضي في إحدى قصائده عن محام أمريكي يظهر في إحدى الصور وهو يضع يده في جيبه، فقال له أبو ماضي ساخراً ما معناه: «ليس من عادتك وضع يدك في جيبك، والصورة ستكون أصدق تعبيرا لو وضعت هذه اليد في جيوب الآخرين». ويتندر الأمريكيون على محاميهم بالقول: «إن المحامي شخص يساعدك على الحصول على حقك من الآخرين، لكي يأخذه هو لنفسه».

وكتاب «فوضى في المحاكم الأمريكية» يتضمن «لقطات» من مرافعات المحامين واستجوابهم للشهود في المحاكم، منقولة بالنص، ومن ذلك أن المحامي سأل أحد الشهود: «ابنك الأصغر، الذي يبلغ الحادية والعشرين من العمر، كم عمره؟» فأجاب الشاهد: «لقد قلتها أنت، إنه في الحادية والعشرين» وعاد المحامي يسأل: «للمتهمة ثلاثة أولاد، أليس كذلك؟» فقال الشاهد: «نعم» وقال المحامي: «وكم عدد الذكور بينهم؟» فقال الشاهد: «ليس بينهم أي ذكر» فقال المحامي: «وهل بينهم أية أنثى؟».

وفي إحدى الجلسات، تأمل المحامي صورة للمتهم مع بعض أصدقائه جرى تقديمها للمحكمة بين أدلة الإثبات وسأله: «هل كنت موجودا عندما التقطت هذه الصورة؟» فلم يجد المتهم أمامه إلا أن يرد بالقول: «أرجو أن تعيد السؤال من فضلك!».

واستجواب أخصائيي الطب الشرعي أثناء تقديم إفاداتهم فيه الكثير من المواقف الطريفة، ومثال على ذلك: سأل المحامي أحد الأطباء: «كم عملية تشريح أجريت لجثث موتى؟» فقال الطبيب الشرعي: «كل عمليات التشريح تجري لجثث موتى» وفي جلسة أخرى قال المحامي: «هل تتذكر متى أجريت عملية تشريح الجثة؟» فقال الطبيب: «بدأت العملية في الساعة الثامنة والنصف مساء» فقال المحامي: «وكان الضحية ميتا في ذلك الحين؟» فقال الطبيب: «أبدا، فقد كان يجلس على الطاولة ينظر إلي باستغراب، ويسألني لماذا أشرّح جثته».

وفي استجواب آخر سأل المحامي الطبيب: «قبل البدء بعملية التشريح، هل قست النبض؟» فرد الطبيب بالنفي، فسأله المحامي: «وهل قست ضغط الدم؟» فرد الطبيب بالنفي أيضا، واستطرد المحامي قائلا: «وهل فحصت التنفس؟» فقال الطبيب: «لا» فقال المحامي، وكأنما اكتشف جوهرة ثمينة: «طالما أنك لم تفعل هذه الأشياء، وكان من المفروض أن تفعلها، فإن هنالك احتمالا أن الضحية كان لا يزال على قيد الحياة عندما بدأت بتشريح جثته» فرد الطبيب بالنفي القاطع، فقال المحامي: «وما الذي يجعلك واثقا إلى هذه الدرجة؟» فقال الطبيب: «لقد كان دماغه خارج جسمه وقد وضع في وعاء أغلق بإحكام على مكتبي» فقال المحامي: «ورغم هذا، هنالك احتمال أن الضحية كان على قيد الحياة» فقال الطبيب: «ربما كان على قيد الحياة كما تقول، ويمارس مهنة المحاماة».

وهذه السخرية المرة من المحامين نجدها في أكثر من مكان في الكتاب، ومن ذلك أن محامياً قال للطبيب الشرعي أثناء استجوابه: «أليس صحيحا أن الشخص الذي يموت أثناء النوم لا يدرك أنه مات إلا في صباح اليوم التالي؟» فرد عليه الطبيب بسؤال قال فيه: «أريد أن أسألك أولا: هل اجتزت الاختبار الذي تجريه نقابة المحامين للمحامين الذي يرغبون في ممارسة المهنة؟».



Sent from my iPad 2 -  Ť€©ћ№©¶@τ

No comments:

Post a Comment