Saturday, January 30, 2016

ورحلت الأنا الزائفة - أمل الحامد جريدة الرؤية




 المُلهمون من ألهموا واستلهموا في كوننا، لا أقصد هنا (كوكب الأرض) فقط بل الكون أجمع بكل كواكبه ومجراته ونيازكه ونجومه، منهم مصطفى محمود، رحمه الله، والحديث عنه لن يفيه حقه، رحمه الله، وقد كتبت قصة عنه، رحمه الله، في إصداري الأول (أحلام وردية)، فبعد مرور سنة على إصداري هذا، أؤمن أن الله سبحانه له حكمة أن أسميت كتابي بالأحلام الوردية، فلم أكن أعلم وقت كتابتي إياه أنني سأكتب عن أبي الروحي والعارف بالله مصطفى محمود، بل وله أحلام مثلي.

أسميت القصة عنه في كتابي (مصطفى محمود والتلسكوب) حيث كان تسلسلها في كتابي الحلم السادس والذي حوى عشرين حلماً كتبتها وحلمتها، كتبت عنه:

بين حديث الذكريات والسفن الورقية في البحر والناي والتلسكوب وجدت نفسها في عالم هذا العالم الكبير مصطفى محمود، رحمه الله، ولمصطفى مثلها قصة مع البحر، فأقدم قصة يتذكرها وهو في سن خمس أو ست سنوات أنه عندما كانت تأتي الأمطار القليلة، وتكون الأرض امتلأت بالمياه، يصنع سفينة ورقية ويتركها تعوم في البحر، ويتأمل معها أحلامه، فكان قلبه معلقاً بالسفر والترحال والحلم.

فسافر بانعزاله عن العالم وهو لا يزال طفلاً صغيراً إلى أجمل مدينة في البحر، سافر إلى مدينة (التأمل).

ولكن بداية أحلامه الفعلية حينما كان يجلس على سور حديقة منزله، وعندما كان أيضاً (يُعوّم) سفنه الورقية! كما ذكر هو في برنامج حديث الذكريات مع الإعلامي الكبير وجدي الحكيم، رحمه الله.

العارفون بالله هم نبراس ونجوم على كوكب الأرض، تراهم مضيئين وإن رحلت أجسادهم المؤقتة عنه، فلا ضير بذلك لأنه كوكب مؤقت، بل تبقى أرواحهم ونورها يضيء لنا عقولنا الروحية، والشرح يطول عن العقل الروحي، ولمن يريد اطلاعاً ومعرفة عنه أكثر فليقرأ عنه في تغريدات العارف بالله ويحضر دروسه، وأقصد هنا المعلم الروحي محمد الدحيم، وفقه الله، والذي هو نبراس آخر أضاء لنا طريق الرغبات المحققة بأمر الله، فكم وصلنا بأمر الله ثم فضله لرحلة العشق الإلهي، فهو من دلني على كتاب «قواعد العشق الأربعون» لإليف شافاق، وشرح بعضاً من قواعده في أمسية في أكتوبر من عام 2014، هذا المعلم الروحي محمد الدحيم الملهم لكل التلاميذ، فهو لا يعتبر نفسه معلماً لأحد، هو يدلنا على الطريق لا الطريقة، ومن يقرأ له أو لشمس التبريزي بطل قصة «قواعد العشق الأربعون» سيعي ما يخطه قلمي هنا، ووالله إنه لتسري من قلبي الآن حروفي بعد أحداث عميقة وقوية مررت بها العام الماضي، غياب وشبه انقطاع، ولكنني نويت بأمر الله أن أعود هذا العام 2016 كما كنت في أول مقال لي بعنوان (ما زلت أحلم) والذي كنت من خلاله أكتب من قلبي عن تجربتي عن حلم سُرق مني، ولكن وبعد كل هذه الأشهر بل السنة آمنت أن ذلك الأخذ أو السرقة حسبما كنت أفسرها إنما هي (عين العطاء) منه سبحانه، فلا يوجد شيء اسمه أخذ وعطاء!

حتى فترة تغيبي عن الكتابة في «الرؤية» هنا، ومروري العام الماضي بفترة من أصعب الفترات في حياتي، لكنني والله أعتبر هذه اللحظة إجابة لكل التساؤلات التي كانت تملأ عقلي الفيزيائي والباطن وقتها! ولم أكن أجيد استخدام عقلي الروحي

الآن تغيرت الأمور والحمد لله، فالرغبات كلها تتحقق بصلاتك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من أعماق أعماق قلبك، فقط عش لحظة (السكون) وتحدث مع عقليك الباطن والفيزيائي، وأخبرهما أن يصمتا فما كان قد كان، عش لحظة نور الوعي وتجليه.

عرف القراء هنا في هذه الصحيفة التي احتضنتني أنني أكتب من تجاربي في الحياة، كما ذكرت عن تجربة حادث حصل لي يوماً ولكنها استمرت في عقلي عشرة أشهر كنزاع بين هذين العقلين، بسبب موقف مررت به بداية السنة الميلادية العام الماضي، ولم أغفر لنفسي بسبب حادث وقع لي! تلتها بأشهر وفاة أبي الغالي رحمه الله، كانت سنة تعلمت فيها الكثير من الدروس، تعلمت وبصدق أن أعيش اللحظة وبوعي، لكنني استوعبت ذلك أخيراً في رأس السنة الميلادية 2016، وكأن الله سبحانه يخبرني أن أعي ما أتعلمه من مواقف الحياة، من الأمور التي حصلت لي أيضاً أن (الإيقو .. الأنا الزائفة) رحل.

وهذا بعدما شاهدت فيلم النقلة (من الطموح إلى المعنى، إيجاد الغرض من حياتك) للدكتور واين داير، فهمت وقتها الرسالة الكونية منه سبحانه برحيل الإيقو، وغفرت لنفسي عن ذلك الحادث الذي حصل لي قبل توقيع كتابي بأيام، وأن أقبل أنني إنسان ضل الطريق من غير قصد لأعي وأفهم أنني لستُ أفكاري ولا مشاعري، ولا ما أنجزت، بل أنا (الإنسان).

ذكر واين داير أنك لم تأت من أبويك حقاً بل من الروح، وأنصح الجميع بمشاهدة هذا الفيلم الملهم لواين داير (النقلة)، وكانت الرسالة لي منه هي: (رحيل الإيقو).

أعود إلى الحديث عن مصطفى محمود، والذي أدرك حنان الناي المصنوع من النبات، فحينما كان يعزف عليه يعتبرها فترة استراحته بعد عمله وبحثه المتواصل في كتب الطب والحياة. وكما ذكر الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن فكرة الغناء عند أبرز المبدعين (موسيقي، شاعر أو كاتب) شيء حميم، ومنهم الدكتور مصطفى محمود فهو يجمع بين الإيقاع والإبداع.

وأحد قوانين النجاح الروحي التي ذكرها الأستاذ محمد الدحيم هي قانون الإيقاع، الحياة ليست العبور من مرحلة إلى أخرى، إنها الرحلة ذاتها، وهي بهذا المعنى قوة الحضور ويقظة الوعي، ومرونة السير وديمومة الحركة.

سأختم مقالي بكلمات لمعلمي الروحي الآخر دكتور واين داير «إذا أردت الأبواب مفتوحة في حياتك، فعليك أن تفصل نفسك عما يقوله (الأنا)، وأن تسمح لنفسك أن تعيش عبر هذا المكان السماوي، الذي يدعى (الروح)»

No comments:

Post a Comment