يقف "الجهادي الخفي" أبو بكر البغدادي القرشي الحسيني خلف كابوس "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي غيّر في ساعات خرائط مرسومة منذ سنين. يصفه البعض بـ"أسامة بن لادن الجديد"، وهو "الرجل الأكثر خطورة في العالم"، وفق مجلة "تايم". ومن غير المستبعد أن يُنصّب نفسه "أميراً للمؤمنين" على دولة إسلامية يوسع بطشُه حدودها.
تطلب الولايات المتحدة عشرة ملايين دولار ثمناً لرأسه. له صورتان، واحدة وزعتها الداخلية العراقية في كانون الثاني تظهر رجلاً ملتحياً ومتجهماً ويرتدي بذلة ويضع ربطة عنق، والثانية مصدرها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إي" ومكتب التحقيقات الفيديرالي "أف بي آي".
ولاحظت صحيفة "الموند" أن البغدادي حقق ما عجز عنه بن لادن حتى في ذروة قوته قبل هجمات 11 أيلول 2001، فهو بات يسيطر على "امبراطورية" متنامية "من أطراف بغداد إلى ضاحية دمشق، ومن الحدود الأردنية إلى الحدود التركية". واعتبرت "الواشنطن بوست" أنه تجاوز في سنة رصيد زعيم "القاعدة" أيمن الظواهري لدى المقاتلين المتشددين، فهو أكثر عنفاً مع خصومه وأشد عداء للولايات المتحدة. وقد دفعه ذلك إلى انتقاد الظواهري علناً والانفصال عن التنظيم الأم.
توحي كنيته، البغدادي، أنه من مواليد بغداد، غير أنه أبصر النور عام 1971 في سامراء. اسمه عوض ابرهيم علي البدري السامرائي، ومن ألقابه "أبو دعاء" و"الكرار" و"علي البدري السامرائي". وتقول أسرته أنها تتحدر من سلالة النبي محمد. وتفيد سيرته، وفق مواقع جهادية، أنه "رجل من سلالة دينية، إخوانه وأعمامه رجال دين ومدرسون للغة العربية والفقه". أما هو فقد حاز شهادة دكتوراه في التربية من جامعة بغداد الإسلامية، ولأنه درس العلوم الإسلامية والتاريخ والشعر، لُقب "الفيلسوف الجهادي".
يُعرف عنه أنه طموح وعنيف. وسمعته كقائد ميداني عنيف ومخطط عسكري هي ثمرة الفوضى التي تتخبط فيها الجماعات المسلحة الأخرى في سوريا والأداء الضعيف الذي أظهره الجيش العراقي هذا الأسبوع، وفق تحليل لـ"الغارديان". وعلى نجاحاته العسكرية، يبقى شبحاً يصعب تعقبه وتحديد مكانه. فهو لا يهوى الظهور حتى وسط أنصاره ومقاتليه المقدرين بسبعة آلاف عنصر شديدي الولاء. ويُقال أنه يضع قناعاً حين يخاطب أتباعه، من هنا لقبه "الشيخ الخفي".
وهناك روايات مختلفة بشأن كيفية دخولة "عالم الجهاد". وفي إحداها أنه كان ناشطاً إسلامياً في عهد الرئيس السابق صدام حسين. ولا شك أن احتجازه أربع سنوات في جنوب العراق بعد توقيفه على أيدي جنود أميركيين عام 2005 ساهم في زيادة تطرفه.
وهو انجذب سريعاً، بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، إلى تنظيم "دولة العراق الإسلامية" بقيادة أبو مصعب الزرقاوي. وانخرط بداية في تهريب مقاتلين أجانب إلى العراق، ثم صار "أمير" بلدة صغيرة على الحدود السورية. وسرعان ما أسس محكمة عُرفت بتفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية وأحكامها القاسية. وحين صعد نجمه بين المسلحين الشباب، ضُم إلى مجلس شورى المجاهدين في "دولة العراق الإسلامية" حتى تولى قيادته عام 2010 بعد مقتل زعيميه السابقين أبو عمر البغدادي وأبو حمزة المهاجر.
وفي نظر "الموند"، فإن الخطر الأكبر على "القاعدة" هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام" الذي يقضمه من الداخل. فـ"داعش" الحديث النشأة رفض الذوبان الكامل مع "جبهة النصرة" تحت راية "القاعدة"، فتراجع البغدادي عن مبايعة الظواهري.
ولا يُعرف الكثير عن الهيكلية الإدارية لـ"داعش". وتردد أخيراً أن قياديين سابقين في الجيش العراقي وأعضاء في حزب "البعث" الحاكم سابقاً في البلاد انضموا إلى التنظيم. وثمة أنباء عن تنسيق مع عزة ابرهيم الدوري، الرجل الثاني السابق في نظام صدام حسين. والأيام المقبلة وحدها كفيلة بفضح خيوط الشرك الكبير الذي سقط العراق فيه أو يكاد.
Sent from my iPadmc
No comments:
Post a Comment